منتديات غليزان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات غليزان

* برامج * العاب* تسلية *
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 توسع الكون

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
HOPE

HOPE


انثى
عدد الرسائل : 65
العمر : 34
العمل/الترفيه : STUDENT
المزاج : مروقة الحمد لله
السٌّمعَة : 0
نقاط : 153
تاريخ التسجيل : 21/09/2010

توسع الكون Empty
مُساهمةموضوع: توسع الكون   توسع الكون Icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 05, 2010 6:33 pm

توسع الكون

بين الانفجار الكبير و نظرية التضخم

مقدمة

لم تتغير نظرة الإنسان إلى الكون بشكل جذري إلا في القرن العشرين. فقد كان الفلكيون يعتقدون حتى أوائل القرن الماضي بأن الكون كله هو فقط مجرة درب التبانة و أن كل ما يرصدونه من أجسام هي نجوم و سدم تقع في حدود مجرتنا. و لكن علم دراسة الكون شهد تطورات عديدة حصلت بشكل اساسي بفضل التقدم في الفيزياء و الرياضيات و المعلوماتية بحيث تم اثبات الحسابات التي تخص نشوء الكون بأرصاد فلكية لم تترك مجالا للشك بأن العلم يتقدم أكثر فأكثر نحو كشف أسرار قصة ولادة الكون.

التوسع الكوني

كان تصنيف السدم قد ابتدأ في القرن الثامن عشر مع الفلكي الفرنسي ميسييه المهووس بالمذنبات. و قد صنف هذا الفلكي، الذي كان يبحث عن مذنبات جديدة، السدم و المجرات و العديد من التجمعات النجمية ذات المظهر السديمي على أنها من طبيعة واحدة. ولكن أن أجهزة الرصد لم تكن آنذاك تكفي كي يميز الفلكيون بين تلك الأجسام السماوية. و لكن أحد الأغنياء الانكليز (اللورد روس) استطاع بواسطة أكبر تلسكوب في القرن التاسع عشر بقطر 1.8 م، أن يكشف أن لأحد السدم شكلاً مختلفا هو أقرب لأن يكون شكلا حلزونيا (51 M). و من ثم أكدت أرصاد فلكية عديدة هذه الحقيقة.


وهنا ظهر السؤال التالي الذي أخذ يطرح نفسه بشكل مستمر: هل هذا السديم و ما يشابهه موجود في مجرتنا أم في خارجها؟ و إذا كنا اليوم لا نتخيل مثل هذا السؤال فإن الإجابة عليه قد استغرقت سنين عديدة و نقاشات حادة جدا بين فلكيين شهيرين في أوائل القرن العشرين. فقد أخذ بعض الفلكيين بزعامة كورتيس Curtis جانب وجود تلك السدم خارج المجرة و وقف آخرون بزعامة شابلي Shapely إلى جانب أنها ضمن المجرة. و هذا ما أدى لاشتعال حرب في المؤتمرات و المجلات العلمية تم فيها تبادل العديد من الشتائم الكبيرة جداً من مثل: إن فلاناً غير دقيق، أو أن فلانا يكتب بعض الاشياء بشكل متسرع.... غير أن تلك المناوشات العلمية لم تنته بكسب أحد الطرفين لأن كل منهما كان قد ارتكب أخطاء كبيرة في تقديراته.



لم تنته تلك المعارك العلمية إلا مع أرصاد هابل في العشرينات من القرن الماضي. فقد اكتشف هابل في مجرة المرأة المسلسلة ( و كان يعتقد بأنه سديما ضمن مجرتنا) نجوما تدعى المتغيرات القيفاوية (يستخدم الفلكيون هذه النجوم المتغيرة لقياس المسافات الكونية من خلال قياس قدرها الظاهري الذي يتغير خلال فترة محددة). و باستخدام هذه الميزة و ارتباطها بالقدر المطلق لتلك النجوم يتكمن الفلكيون من تحديد بعدها عنا و بالتالي تحديد السديم الموجودة فيه. و بحساب بعد مجرة المرأة المسلسة واكتشاف أنها على ذلك البعد الذي وجده هابل لايمكن أن تخضع لجاذبية مجرة درب التبانة تم حسم الجدال في هذا الأمر و أصبحت مجرتنا مجرد مجرة مثلها مثل غيرها في الكون.



ولكن هابل لم يكتف بذلك بل استمر بأرصاده و حساباته و بدأ يستخدم طرقا أخرى لقياس مسافات المجرات عنا فوجد أن العديد منها يبتعد عنا بسرعات تزداد كلما كانت المجرات أبعد. و هذا ما جعله يخلص إلى استنتاج تناسب السرعة التي تبتعد بها تلك المجرات مع بعد هذه المجرات عنا. و هكذا خلص في عام 1929 إلى القانون الذي يعرف باسمه و الذي يربط بعد المجرة عنا بمقدار عددي يسمى اصطلاحا بثابت هابل 0 V0= H0 d(و الذي يستحسن أن نسميه بعامل هابل لأنه ليس ثابتا ابدا و لم ينفك يتغير منذ أن أعلنه هابل و هو حتى الآن غير محدد القيمة بدقة). و نتيحة لعمل هابل بشكل كبير جدا فقد تمكن من حساب سرعات العديد من المجرات و هذا أدى فيما بعد إلى نتائج علمية هامة.



يفيدنا قانون هابل بأن المجرات (و هي خارج مجرة درب التبانة) تبتعد بسرعة تزداد كلما ازداد بعد تلك المجرات عن مجرتنا، و ذلك يدل على أن الكون غير ساكن بل إنه كون متحرك وبشكل أدق كون متوسع. والحق يقال أن هذا لم يحدث ثورة علمية، فقد طرحت أفكار عديدة في هذا المضمار قبل ذلك بزمن طويل.


إدوين هابل (1889 - 1953)

ولكن ما الذي نستخلصه من قانون هابل هذا ؟ إن أول ردة فعل لنا يمكن أن تكون بأننا يمكن أن نؤكد (خطأً مر ة أخرى) أن مجرتنا هي مركز الكون أو بشكل أكثر دقة مركز التوسع الكوني. و بما أن سرعة التوسع الكوني تزداد مع ازدياد بعد المجرة عنا فإن هذا يعني أن الكون يتوسع في جوار مجرتنا بشكل بطيء بينما يتوسع بشكل سريع جدا في أطراف الكون المرئي؟؟؟



ولكن ردود الأفعال في معظم الأحيان تكون خاطئة و كذلك هي الحال هنا. فهاتين النتيجتين التلقائيتين خاطئتان لدرجة كبيرة. لنقارن مع ما نعرفه في حياتنا اليومية: لنأخذ المدينة أ كمركز لقياس المسافات عن مدن مثل ب و د. بفرض أن بعد ب عن أ هو 200 كم و أن بعد د هو 600 كم. لنفترض الآن أن الأرض أخذت في التوسع بسرعة و بمعدل منتظمين بحيث يتضاعف حجمها في كل ساعة. و على ذلك فإن المسافة بين أ و ب ستصبح بعد ساعة 400 كم و بين أ و د 1200 كم. و على هذا الأساس فإن أحد هواة الفلك في المدينة أ سوف يحسب بأن المدينة ب تبتعد بسرعة قدرها 200 كم/سا، أما المدينة د فسوف تبتعد بسرعة 600 كم/سا خلال الساعة الاولى.



إذاً هناك تناسب بين سرعة التوسع و مسافة الجسم الذي يبتعد عنا، هذا من جهة، و من جهة أخرى فإن أحد فلكيي ب يمكنه أن يحسب (بافتراض أن ب هي مركز التوسع) و بنفس الطريقة بأن أ قد ابتعدت عنه أيضا بسرعة 200 كم/سا و كذلك يحسب من في مدينة د و يجد 600 كم/سا لسرعة ابتعاد أ... و في الساعة الثانية سيحسب من في أ ان ب تبتعد عنه بسرعة 400 كم/سا أما د فتبتعد بسرعة 1200 كم/سا و في الساعة الثالثة.... و هكذا كلما تقدم الزمن كلما ازداد معدل التوسع الارضي و كلما حسبنا ان سرعة الابتعاد تتضاعف. و بالطبع سيجد من في ب و د نتائج مماثلة، أي أن أ ليست مركز التوسع الأرضي و كذلك ليست ب أو د. و شيء آخر فإن معدل التوسع هو نفسه بالنسبة لكل الأرض...



وكذلك هي الحال في الكون : نرى من الأرض (أو مجرة درب التبانة) بأن المجرات البعيدة تبتعد عنا بسرعات تزداد كلما ازداد بعدها عنا ... و لكن إذا ناقشنا الأمر من منظور المثال السابق فإننا سنخلص إلى مايلي:

1- إن توسع الكون يتم بنفس المعدل و في كل الاتجاهات و هو متجانس.

2- إن أية نقطة تشترك في التوسع الكوني ترى كل النقاط الأخرى تتوسع مبتعدة عنها بسرعة تزداد مع ازدياد المسافة بشكل يتفق مع قانون هابل.



الإنحراف نحو الاحمر
ولكن نظرية النسبية العامة ترى التوسع في الفضاء من منظور كثافة المادة فتربط بين توسع الكون و كثافة المادة الموجودة فيه. فباعتبار أن الكون في حالة توسع، فإنه من المنطقي الاعتقاد بأنه كان فيما مضى أشد كثافة مما هو عليه الآن و نتيجة لذلك فإن توسعه في مراحل عمره الأولى لم يكن بنفس معدل توسعه حاليا. و علاوة على ذلك فإن التوسع يجعل المسافات التي تفصلنا عن المجرات متغيرة أيضا مع الزمن، و هذا يعني بأنه عندما نتحدث عن التوسع فإننا يجب أن نحدد بدقةعامل هابل (أو ثابت هابل) 0V0= H0 d .



وإذا اتبعنا الأسلوب الذي استعمله هابل في حساب مسافات تلك المجرات التي تبتعد فإننا نتحدث عن ما يتعارف عليه الفلكيون بالانحراف نحو الأحمر (و هو نسبة طول موجة ضوء معين مرصودة في الكون إلى طول موجة هذا الضوء في المخبر) فنقول بأن المجرات القريبة التي تتأثر بالتوسع الكوني لها انحراف نحو الأحمر أقل من الواحد في حين أن المجرات (أو الكوازارات) الموجودة في أطراف الكون لها انحراف أكبر من الواحد قد يصل إلى 5 و ربما أكثر. و هنا نذكر بأن لأية مجرة حركتان: الأولى خاصة بها و الثانية هي التي يسببها التوسع الكوني.


ألبيرت أينشتاين (1879 - 1955)

و هذا التوسع الكوني هو الذي يسبب انحراف الضوء الوارد إلينا من المجرات إلى الأمواج الطويلة أي إلى جهة اللون الأحمر. أو بطريقة أخرى فإن التطاول الذي يحصل في الكون يجعل كل شئ يتطاول بما في ذلك الامواج الكهرطيسية و بالتالي فهو الذي يزيد طول الأمواج و لذلك فإن طول الموجة الواردة إلينا من مجرة تخضع للتوسع الكوني سيكون أطول من طول الموجة ذاتها لو رصدناها في المخبر فمن الممكن مثلا أن نرصد في الكون موجة في مجال الاشعاعات الراديوية السنتيمترية بينما هي في الاصل (أو في المخبر) في مجال الضوء الازرق التي هي في المخبر من مرتبة الميكرون.



الإنفجار العظيم "البيغ بانغ"
ويجدر بنا أن نذكر هنا بأن التوسع( أو التطاول) الكوني لا تأثير له على أبعاد الأجسام الموجودة في الكون. فعلى مقياس صغير ( مثل مجرتنا أو حتى مجموعتنا المحلية التي تضم اضافة الى درب التبانة مجرة المرأة المسلسلة و حوالي عشرة مجرات اخرى) تفوق شدة قوى تلاحم الأجسام شدة قوى التوسع الكوني و أكبر مثال على ذلك هو المجموعة الشمسية. فمنذ ولادتها توسع الكون بمقدار الضعفين أما مجموعتنا الشمسية فقد بقيت على ما هي فلم يزدد حجم الأرض و لم يتطاول مدارها و ... و أثر التوسع الكوني لا يلاحظ إلا على مقياس المسافات بين المجرات و الأكداس المجرية فمثلا مجرة المرأة المسلسلة و مجرتنا و بقية المجرات المكونة للتجمع المحلي الذي تنتمي إليه مجرتنا، لها أيضا حركة جماعية نتيجة التوسع الكوني. و ضمن هذا التجمع هناك حركة خاصة ناتجة عن الجاذبية ضمن المجموعة المحلية: فمجرة المرأة المسلسلة تسقط باتجاه مجرتنا (أو العكس إذا أردنا) بسرعة 300 كم/ثا ...و هذه الحركة ضمن المجموعة المجرية لا علاقة لها بالتوسع الكوني. و لكن بما أن المسافات التي تفصل بين المجرات كبيرة جدا فإن الاصطدام لن يتم قبل مليارات من السنين.



وهكذا هو مفهوم الزمن على الصعيد الفلكي حيث يجب أن ننظر إلى الأزمنة بمنظار ملايين أو مليارات السنين كي نلحظ تغيرا. فإذا أخذنا هذه الواحدة الزمنية و نظرنا الى التوسع الكوني بمنظور عكسي ... أي كما لو أن ما يحدث في هذا الكون فيلم سينمائي أردنا عرضه بشكل معاكس... سوف نرى أن كل هذه المجرات التي تبتعد عن بعضها تعود و تقترب من بعضها بعضا و أكثر فأكثر إلى أن تجتمع كلها في نقطة واحدة انبثقت منها كل هذه الأجسام التي تملأ الكون اليوم... و هذا على الأقل ما تؤكده النظريات العلمية حتى قبل الوصول إلى تلك النقطة بزمن قصير جدا. إذ تدل النظريات الفلكية و الفيزيائية على أن الكون كان في بدايته متركزا في نقطة واحدة أدى توسعها الهائل و المفاجئ إلى تشكل الكون كما هو عليه اليوم (و لذلك يصطلح عليه بأنه انفجار و للطرافة فإن الذي أطلق عبارة الانفجار الكبير أو البيغ بانغ هو أحد ألد أعداء هذه النظرية و لكن ذلك لم يمنع المجتمع العلمي من تبني هذه التسمية لنظرية التوسع الكوني). و لنستعرض بشكل مختصر أهم مراحل نشوء الكون وفق نظرية الانفجار الكبير او البيغ بانغ.


والحق يقال أن جذور هذه النظرية تمتد إلى أوائل القرن العشرين حيث صيغت من أعمال العديد من الفيزيائيين و الرياضيين إذ أنه و إن كان الفلكيون هم من كشفوا تجريبيا توسع الكون إلا أن الفيزيائيين هم الذين وضعوا الأسس الرياضية له. و قد كان فريدمان أول من استخدم معادلات نظرية النسبية بشكل صحيح لدراسة التوسع الكوني فتوصل إلى معادلات لها حلان ينتج عن الأول كون يتوسع بشكل أزلي، و الحل الثاني يرى أن التوسع الكوني سيتوقف عاجلا أو آجلا ليحل محله تقلص كوني شامل. و ربما يستحسن هنا أن نذكر بأنه يمكن تشبيه التوسع الكوني بانتفاخ قالب كاتو وضعنا فيه بعض حبات الزبيب. فعندما ينتفخ قالب الكاتو في الفرن سوف تبتعد حبات الزبيب عن بعضها لأن قالب الكاتو ينتفخ (أو يتوسع). أي ليست حبات الزبيب هي التي تبتعد و إنما انتفاخ القالب هو الذي يجعل حبات الزبيب تبتعد عن بعضها. و هكذا هي حالة الاكداس المجرية و المجرات في الكون.





ولكن تشبيه قالب الكاتو يخفي أيضا شيئا آخر فعند وضع القالب في الفرن يكون عجينا و حجمه صغيرا، و لكن مع انتفاخه فإنه يشغل حجما أكبر، و ذلك مع الاحتفاظ بنفس الوزن (طبعا لا نغفل وزن الأبخرة المنطلقة أثناء عملية الطبخ). و بالنظر إلى هذه الظاهرة نكتشف بأن مادة العجين التي كانت تشغل حيزا صغيرا صارت تشغل حيزا أكبر (و بالنسبة للكون أكبر بكثير)، و هذا يعني نقصان الكثافة. أي أن الكون الذي يتوسع باستمرار تنقص كثافته شيئا فشيئا منذ بداية ولادته. ففي اللحظة التي ولد فيها الكون كان حجمه لا يتعدى حجم نقطة واحدة تحتوي كل ما في الكون أي أن الكثافة كبيرة جدا (بل هي لا نهائية). و في اللحظة التي ابتدأت فيها ولادة الكون ابتدأ التوسع و أخذت الكثافة تنقص شيئا فشيئا. و لمزيد من التفصيل سوف نستعرض بعد قليل المراحل التي مر بها الكون منذ ولادته مع التذكير بأن ما يلي هو في إطار نظرية علمية تعتبر أن ولادة الكون هي اللحظة التي ولد فيها الزمن أيضا (وهذا يعني أنه لا يصح أن نسأل عما قبل ولادة الزمن لأن ما قبل الزمن أو ما قبل الكون سؤال ليس له معنى من وجهة نظر هذه النظرية العلمية). شيء آخر يتعلق بهذه النظرية العلمية هو قصورها حتى الآن عن الوصول بالفهم إلى ما حصل في اللحظة صفر (أو الزمن صفر) . إذ ما يمكن الوصول إليه حتى الآن هو في حدود ما تصل إليه الفيزياء الحالية من فهم أو ما يعرف بحدود بلانك: ذلك أن العلم غير قادر –اليوم- على فهم ما يجري عندما تكون الأبعاد أصغر من حدود بلانك ( وهي 3210 K للحرارة و 10 35- متر للمسافة و 10 -43 ثانية للزمن) و قادر على أن يفهم ما هو أكبر من هذه الحدود ( ولكن لنكن متفائلين، فكل ما تم في هذا الإطار لا يتعدى عمره 70 سنة فقط).



ِشئ آخر، قلنا قبل قليل بأن هذا الوصف هو لأطوار التوسع الكوني السريع، و هذا أمر نسبي فكلمة حدث سريع مثلاً تحتمل المبالغة على نحو: أسرع و أسرع كما كلمة قصير: أقصر وأقصر ... و ذلك طبعا وفقا للمجال الذي نحن فيه. فإذا كنا نتحدث عن شئ سريع كالتعبير عن جسم يتحرك بسرعة مثلا في مجال الفيزياء، فيستحسن حينها استخدام الثانية كواحدة للزمن و المتر (أو السنتيمتر) للمسافة فنقول مثلا : 20 م/ثا للدلالة على سرعة 72 كم/سا. أما إن كنا نتحدث عن أمر سريع في مجال التاريخ فنستخدم السنة و في المجال الفلكي نستخدم ملايين السنين للتعبير عن أحداث سريعة. و الامر ذاته بالنسبة لواحدات أخرى في مجالات أخرى: فبالنسبة للمسافات نستخدم في الفيزياء السنتيمتر و في المجالات الهندسية نستخدم المتر أو الكيلومتر، أما في الفلك فإننا نستخدم البارسك ( و هو يعادل 3.26 سنة ضوئية) كواحدة لقياس المسافات أو الواحدة الفلكية (وهي المسافة التي تفصل الأرض عن الشمس) و يستخدم البعض السنة الضوئية...

وصف باختصار المراحل الاولى من التوسع الكوني مبتدئين من اللحظة 0.02 ثا بعد بداية التوسع للتبسيط:

الزمن بعد البيغ بانغ


الحــدث


الشروط الفيزيائية

0.02 ثانية


كان الكون أشبه ما يكون بخليط (حساء) من المادة و الإشعاع في حالة توازن حراري رغم التوسع السريع جداً.


درجة الحرارة

1110 K

0.2 ثانية


التوسع ما يزال سريعا جدا. تتشكل البروتونات و من ثم تتفكك إلى نترونات و التفاعلات العكسية هي أيضا سريعة. و لكن نسبة النترونات إلى البروتونات بدأت تجنح إلى الاستقرار.




3 × 1010 K

2.3 ثانية


نتيجة للتوسع أصبح للنوترينو مسافة حرة للحركة أكبر (مجال حركة حرة) فأخذت تنفصل عن الإلكترونات و البوزيترونات وأشعة γ . في هذه المرحلة أصبح تفاني الإلكترونات و البوزيترونات أسهل من تشكلها. اختفى التوازن بين عدد البروتونات و النترونات.


1010 K



26 ثانية


بدأت الإلكترونات و البوزيترونات الحرة تصبح أكثر ندرة. أصبح الكون أكثر برودة من أجل بدايات التشكل النووي .




3 × 910K

230 ثانية


الحرارة منخفضة إلى الحد الذي يسمح بتشكل الدويتروم و يصبح أكثر استقرارا. مما يتيح تشكل الهليوم He3 و T3 و He4 .هذه النوى المتشكلة مستقرة. يترافق ذلك مع تناقص النترونات بشكل مستمر (فمثلا عند درجة الحرارة 1010 K كان هناك مقابل كل 1000 بروتون هناك 220 نترون و عند درجة الحرارة 910 K أصبح هناك 172 نترون مقابل 1051 بروتون).

و هكذا حتى استنفاذ البروتونات وتوقف تشكل الهليوم. و هكذا نفسر نسبة وجود الهيدروجين و الهليوم و العناصر الأخرى في الكون.


910K

2560 ثانية

43 دقيقة


انتهى التشكل النووي في هذه الفترة ... و لكن هناك عدد قليل جدا من البروتونات. يتتابع التوسع و لا يحدث شيء مهم إلى أن .....


3 × 810 K

1110 ثانية

3000 سنة


... يحصل الانتقال من كون تسيطر عليه الإشعاعات إلى كون تسيطر عليه المادة.


48000 K

2 × 1310 ثانية

700000 سنة


انفصال الفوتونات عن المادة بسبب ازدياد مجال حركة الفوتونات ... تشكل الإلكترونات-أيونات و هذا ما يجعل الكون شفافا.

و هذه هي بداية الفترة التي أخذت فيها البنى الكونية بالتشكل بسبب الاختلافات في الكثافة. و الجاذبية التي تكبر في الأماكن ذات الكثافة العالية تزيد من تشكل هذه البنى: مجرات، نجوم....






3000 K



تفسر نظرية التوسع الكوني هذه بشكل جيد بعض خصائص الكون الحالية: التوسع الكوني، الاشعاع الكوني المستحاثي، نسبة 4He، ... . و لكن هناك أشياء في الكون (بعض خصائصه) ماتزال غير مفهومة حتى الآن في إطار هذه النظرية و يمكن أن نعتبرها نقاط ضعف.

· فمثلا فيما يخص الاشعاع الكوني المستحاثي: أينما نظرنا في الكون نجد أن خصائصه الفيزيائية هي نفسها. فلماذا نجد له الخواص الفيزيائية ذاتها؟ نذكر هنا أن الكون أصبح شفافا بعد 2 × 1310 ثانية (بعد تقريبا 610 سنة)؛ فلكي يصبح الإشعاع الكوني بهذا التماثل (نسبة الفروق في درجة الحرارة أينما نظرنا إلى درجة حرارته تساوي تقريبا 10 5- K أي تكاد تكون معدومة) يجب أن يكون الكون قد مر في فترةٍ تبادلت فيها كل مناطقه بعضا من الطاقة. لا تنجح هنا نظرية البيغ بانغ الأساسية، في التنبؤ بأبعاد الكون بشكل صحيح في اللحظات الأولى بعد ولادته، في تفسير هذا التوحد في خواص اشعاع العمق الكوني المستحاثي.

· شيء آخر: تدل الأرصاد على المستوى الكوني على أن الكون مستوٍ، و لكن التوسع الكوني هو عامل يزيد في الابتعاد عن الاستواء مع الزمن.

· تنبأت النظرية بوجود المادة المضادة، فأين ذهبت هذه المادة؟ إذ أنه حسب هذه النظرية: المادة و المادة المضادة متناظرتان تماما و قد تم رصد المادة المضادة في المخبر. و لكن الأرصاد حتى الآن و إلى مسافات كونية كبيرة 20 ميغا بارسك (1 بارسك=3.26 سنة ضوئية) تدل على غياب المادة المضادة، فأين هي؟



هناك حاليا تفسيران ممكنان:

1- نعزو اختفاء المادة المضادة إلى مجموعة من المعطيات الكونية البدائية الخاصة.

2- نحاول إيجاد سلسلة من الأحداث التي يجب أن تقود بشكل أكيد إلى الكون الذي نرصده اليوم و بغض النظر عن شروط أو معطيات بدائية خاصة أوصلت الكون إلى ما هو عليه الآن.

لذلك يجب أن نعود إلى الوراء كثيرا في عمر الكون، و لكن إلى أي حد نستطيع الوصول؟

على المقاييس البدائية للكون، لايمكن دراسة الشروط الفيزيائية إلا بواسطة ميكانيك الكم. في تلك الظروف يجب ان تكون الجاذبية و ميكانيك الكم متوافقان (و لكن حتى الان ماتزال هناك العديد من الاختلافات بين نظرية النسبية العامة و ميكانيك الكم):

1- نصف قطر احتواء المادة كي تصبح ثقبا أسودا.

2- نصف قطر التوضع الأدنى.

فهل يمكن أن نجد سلسلة من الأحداث التي يجب أن تقود بطريقة مؤكدة إلى الكون الذي نعرفه اليوم؟

تأتي نظرية التضخم الكوني لتفسر هذه التشوهات: نظرية التضخم هي نظرية فيزيائية تتنبأ بأن الكون كان في البداية أكثر حرارة بكثير مما ترى نظرية البيغ بانغ الأساسية و أنه قد تعرض لفترة توسع كوني هائل في اللحظات الأولى (ما بين 10 34- و 10 32- ثا) في بداية ولادته. و قبل ان نستعرض النظرية التضخمية يستحسن أن نوافق قليلا بين نظرية النسبية و ميكانيك الكم.



يمكن أن نستنتج من نظرية النسبية العامة القاعدة الكونية التالية: كلما كانت الكتلة الحجمية الكونية مرتفعة كلما ازداد معدل التوسع الكوني، و إذا انخفضت هذه الكتلة الحجمية انخفض معدل التوسع الكوني. و نذكر من تشبيه قالب الكاتو بأن التوسع و الكتلة الحجمية مرتبطان، فعندما يكون القالب صغيرا تكون كتلته الحجمية كبيرة و عندما ينتفخ الكاتو و يصبح حجمه كبيرا دون ان تزداد كتلته، و تنقص كتلته الحجمية. فإذا عدنا مثلا إلى لحظة كان فيها الكون مضغوطا ألف مرة أكثر مما هو عليه اليوم، فإننا سنجد بأن حجم الكون كان: 1000 × 1000 ×1000 = مليار، أي أن حجم الكون كان أصغر مليار مرة مما هو عليه اليوم. و بنفس المبدأ يمكن أن نعود إلى فترات كان فيها الكون أكثر انضغاطا. و في تلك الشروط القصوى تختلف المفاهيم الفيزيائية عما نعرفه اليوم، فالفوتون الذي لا كتلة له اليوم، تصبح له كتلة. لماذا؟ لأنه في كون أكثر انضغاطا بالف مرة، سيكون طول موجة الفوتون أقصر بالف مرة أي أن كتلته ستكون أكبر بألف مرة. و هكذا نجد بأنه فعلا في هذه الفترة كانت كتلة فوتونات إشعاع العمق الكوني (التي تعتبر كتلتها اليوم مهملة مقارنة بكتلة الكون) كانت في تلك الفترة معادلة لكتلة الكون بكامله. و مع نهاية الفترة التي كان فيها الكون الكون أكثر انضغاطا بألف مرة، أصبحت الغلبة للمادة بعد أن كانت للفوتونات أي في الفترات التي كان فيها الكون أكثر انضغاطا من ألف مرة.



ولكن هذا يعني أن كتلة الفوتونات هي التي كانت تتحكم بالكتلة الحجمية للكون في اللحظات الاولى من ولادته. و على ذلك يمكن أن نحسب انطلاقا من درجة حرارة إشعاع العمق الكوني مرورا بما تحدثنا عنه الآن أن درجة حرارة هذا الإشعاع كانت 10 26 K عندما كان حجم الكون أصغر بـ 10 26- مرة من حجمه الحالي و هذا ما حصل بعد 10 33- ثا بعد البيغ بانغ. و الآن يمكن أن نستعرض باختصار الخطوط الرئيسية للنظرية التضخمية.



النظرية التضخمية

تشير نظرية البيغ بانغ التضخمية إلى أن الكون ابتدأ حياته بكثافة عالية جدا (كثافة المادة أكثر من10 93 كغ/م3 فور ولادته)، و معدل توسع مرتفع جدا 10 61 (نانومتر/سنة)/كم و هذا المعدل يقابل بلغة مفهومة 100 مليون مليار سنة ضوئية في كل ثانية و لكل نانومتر من أبعاد الكون أو بشكل آخر تضخم الكون خلال هذه الفترة 10 150 مرة. و هذا المعدل المرتفع جدا لو تتابع لأدى لانحلال الكون خلال الجزء الثاني من الثانية. و لكن هذا التوسع السريع جدا رافقه انخفاض درجة الحرارة و الكتلة الحجمية مما أتاح للكثافة الكونية أن تنخفض إلى معدل أصبحت معه ولادة الكون بالشكل الذي نراه اليوم ممكنة. هذا الانخفاض هو الذي أدى إلى هذا التوسع الكوني اللامعقول، بحيث أصبح هناك في الكون تناسب بين التوسع و الكثافة لضبط هذا التوسع و التخفيف من حدته: تنخفض الكتلة الحجمية بفعل التوسع الكوني و هذا الانخفاض في الكتلة الحجمية يجعل معدل التوسع أكثر انخفاضا.



وتشير النظرية إلى أنه في فترة التضخم من 3310- ثا إلى 3210- ثا لم يكن في الكون سوى نوع واحد من الجسيمات يخضع لقانون فيزيائي واحد تتوحد من خلاله القوى الكونية الأربعة (الجاذبية، القوية، الضعيفة و الإلكتروكهرطيسية). و في تلك الفترة التي كانت فيها القوى الكونية متحدة كانت الشروط الفيزيائية غريبة جدا عما نعرفه نحن. إذ تدل الحسابات (كما دلت بأن للفوتونات كتلة كبيرة في الأزمنة الأولى لولادة الكون) بان هناك كتلة للفراغ بل و هي كبيرة جدا 7310 كغ/م3 ثم تناقصت إلى ان أصبحت حاليا معدومة. ففي اللحظة 3310- ثا بعد البيغ بانغ وصل الأمر بالتوسع الكوني إلى الحد الذي جعل فيه الكتلة الحجمية للفراغ تطغى على المادة. و هنا حصلت ظاهرة غريبة (أيضا): فمع أن الكون يتوسع فإن الكتلة الحجمية الكونية لا تنقص. حيث تدل الحسابات على أنه مع توسع الفراغ ذو الكتلة إلا أن كتلته الحجمية لا تنقص عن 7310- كغ/م3. أي أن الذي يحصل في النتيجة هو ازدياد الفراغ لا أكثر.



ومع انتهاء فترة التضخم أخذت القوى الكونية تتمايز إلى القوى الأربعة التي نعرفها اليوم و يتتابع التوسع الكوني كما هو وفق النظرية التقليدية. و سيبقى التوسع الكوني الحالي على ما هو طالما بقيت كتلة الفراغ مهملة.

وهكذا فسرت النظرية التضخمية العديد من الأمور التي كانت عالقة أو غير مفهومة في النظرية بنسختها التقليدية. فمثلا بالنسبة لنقاط ضعف النظرية الاساسية الثلاث التي طرحناها منذ قليل، تجيب النظرية التضخمية:

1- بأن المادة كانت كلها محتواة في حيز صغير بحيث أمكن لجميع الجزيئات تبادل الطاقة في اللحظة 3410- ثانية.

2- التضخم الكوني يسطح الكون تماما كما يفعل التوسع بسطح كرة.

3- بالنسبة للمادة المضادة يمكن أن نجد الحل في الفيزياء الجزيئية التي تحاول شرح الأمر من خلال النظر في مسألة توحد القوى الكونية

وهذه هي باختصار نظرية البيغ بانغ الاساسية و النظرية التضخمية اللتان تتكاملان لتفسير نشوء الكون و تطوره إلى ماهو عليه اليوم.... بقي أن نأمل أن يتوصل العلم إلى إزاحة الستار عن الغموض الذي يحيط باللحظات الاولى لولادة الكون و الزمن صفر....و هذا ما يتطلب زمنا طويــــــــــــــــــــــــــــــــــلا جدا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
توسع الكون
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات غليزان :: منتديات العلوم و المعرفة :: علوم ومعلومات عامة-
انتقل الى: