الثقوب السوداء
الثقب الأسود بشكل عام بسيط هو: منطقة من الفضاء تحتوي على تكتل كبير من المادة مركز في حجم صغير، ما يعني أن جاذبيته قوية جدا حيث لا يُمكن لأي شيء أن يفلت منها، حتى الضوء نفسه.
ولمعرفة كيف يحدث هذا، علينا فهم بعض الأمور عن الجاذبية، وبما أن أفضل نظرية تُفسر الجاذبية حتى الآن هي النسبية العامة لأينشتاين، فسندخل إلى بعض نتائج هذه النظرية لفهم كيف يعمل الثقب الأسود.
لنفترض أننا رمينا حَجراً في اتجاه السماء فإنه يرتفع بسرعة ثم يبدأ في النزول إلى الأرض بسبب الجاذبية، الآن لنفترض أننا رمينا هذا الحَجر بقوة كافية فإنه سوف لن يعود للنزول بل ستستمر في الارتفاع وتتخلص من جاذبية الأرض...
إن السرعة اللازمة لحدوث هذا تسمى "سرعة الهروب"، وسرعة الهروب تتوقف على كتلة الكوكب فكلما كانت كتلته أكبر كانت جاذبيته أكبر وبالتالي احتجنا إلى سرعة هروب أكبر، وكذلك على قربك من المركز فكلما كنت أقرب كلما احتجت لسرعة هروب أكبر.
وكمثال فإن سرعة الهروب اللازمة للتخلص من جاذبية الأرض هي 11,2 كلم في الثانية، بينما القمر الأقل كتلة سرعة الهروب اللازمة للتخلص من جاذبيته هي 2,4 كلم في الثانية.
الآن تخيل شيئا ذو تركيز شديد للمادة في حجم صغير، أي أن كتلته هائلة جدا جدا وقطره صغير جدا جدا، بحيث إن سرعة الهروب اللازمة للإفلات من جاذبيته أكبر بكثير من سرعة الضوء، وبما أنا لا شيء يسير بأكثر من سرعة الضوء فإن لا شيء يُمكنه الإفلات من جاذبيته حتى الضوء نفسه لا يُمكنه الإفلات. وهذا الشيء الذي تخيلناه هو الثقب الأسود ولهذا هو يحمل هذا الاسم لأن حتى الضوء لا يستطيع الإفلات منه.
يعود طرح فرضية إمكانية وجود ثقب أسود إلى اكتشاف "رومر" أن للضوء سرعة محدودة وهذا الاكتشاف طرح تساؤلا هو: لماذا لا تزيد سرعة الضوء إلى سرعة أكبر؟ كانت الإجابة: لأنه قد تكون للجاذبية تأثير على الضوء ومن هذا الاكتشاف كتب "جون مينشل " عام 1783 مقالاً أشار فيه إلى أنه قد يكون لنجم ذو كثافة عالية جاذبيه شديدة جداً، حتى أن الضوء بسرعته 300 ألف كلم في الثانية لا يمكنه الإفلات منها. واقترح أيضاً وجود نجوم عديدة من هذه النجوم ،مع أننا لا يمكننا أن نرى الضوء لأنه لا يستطيع الإفلات من جاذبيتها إلا أننا نستطيع تلمس جاذبيتها. وهذه النجوم هي ما نسميه "بالثقوب السوداء ".
تم إهمال هذه الأفكار لأن نظرية الموجات للضوء كانت سائدة في ذلك الوقت لأنها تتوافق مع فيزياء "نيوتن " ولم تأت نظرية متماسكة عن كيفية تأثر الضوء بالجاذبية إلا يوم عرض" آينشتاين " النسبية العامة 1915 م.
مباشرة بعد أن طرح ألبيرت أينشتاين النسبية العامة، قام "كارل شوارزشيلد" "Karl Schwarzschild" باكتشاف حل رياضي للمعادلة التي تصف ما يُعرف "الثقب الأسود"، بعد ذلك قام "أوبنهايمر" (صاحب القنبلة الذرية الأولى) وعدة علماء آخرين بعدة بحوث أظهرت أن نجما بكتلة كبيرة في حجم صغير (الحجم الحرج بالنسبة لتلك الكتلة) يبدأ في الانضغاط تحت تأثير جاذبيته الخاصة، ويزداد تركيز كتلته (زيادة الكثافة) ما يزيد قوة الجاذبية إلى حد لا يمكن معه لأي جسم يمر بمسافة ما منه الإفلات مهما بلغت سرعته وبالتالي يزداد كمّ المادة الموجود في الثقب الأسود.